قد تكون الأجهزة المعنية تغضّ النظر حاليًا عن توسع ظاهرة الأمن الذاتي والتي باتت تطال عددًا كبيرًا من البلدات والمناطق اللبنانية، بعد إعلان "داعش" دولتها في جزء من الاراضي السورية والعراقية، لعلمها بأنّ ما هو مقبلٌ على لبنان قد يتخطى قدراتها وإمكانيات الجيش والقوى الامنية.
وتتركز الاستعدادات لصدّ أي هجوم مرتقب لـ"داعش" في المناطق المسيحيّة وتلك الشيعيّة، وبما أنّ "حزب الله" مستعدّ ومنذ مدّة للمعركة بعدما طرق الارهابيون أبواب مناطقه العام الماضي، يبدو المسيحيون أكثر المنهمكين بالاستعداد لما هو مقبل عليهم من خارج الحدود وحتى من بعض البؤر الامنية في الداخل، ما دفعهم لرفع مستوى جهوزية العناصر التي تتولى عادة العمل البلدي ودعوة عدد من الشبان للالتحاق بدوريات ليلية لحراسة مناطقهم.
وتنسّق القيادات المسيحية بشكل أو بآخر مع القواعد الشعبيّة، وحتى أنّه تم وضع خطط طوارئ للتعامل مع اي سيناريو مفاجئ، فالتجربة العراقية كانت كفيلة بأن تكون أمثولة للبنانيين عامة وللمسيحيين بشكل خاص، لما قد ينتظرهم في حال تعاطوا بلا مبالاة مع المرحلة.
وتتحدث مصادر واسعة الاطلاع عن "تسلّح شعبي" بات يتوسّع ويطال بشكل خاص المسيحيين، الذين أبلغوا بأنّه "وفي حال انفلت الوضع الامني، فمن لا يدافع عن نفسه قد لا يجد من يدافع عنه". وتقول المصادر: "الأخطار لم تعد محصورة بمنطقة واحدة، ولا ببقعة جغرافية أو حتى بفترة زمنية، فكل المناطق اللبنانيّة معرّضة للاشتعال ولكن بدرجات متفاوتة".
وتشير المصادر إلى أنّ مشروع "داعش" في لبنان اتّضحت معالمه وهو يقضي بـ"احتلال مناطق في شمال لبنان، التخريب بالمناطق الشيعية والسعي لاقتحام وتهجير مناطق مسيحيّة".
وبعكس ما يتردد عن مظلة دوليّة تحمي لبنان، تحذّر المصادر من قرار بتوسيع خشبة المسرح الاقليمي ليطال لبنان، وتضيف: "لكن ما يطمئن الى امكانية فشل المشروع الداعشي، فهي 3 عناصر، أولها جغرافي، باعتبار أنّ المناطق التي قد ينجح المتطرفون بالتحرك فيها بحرية لا تتخطى الـ30% من مساحة لبنان. أما العنصر الثاني، فالحذر واليقظة التي تمارسها الفئات المناهضة لداعش، والتي تملك قوة عسكريّة أكبر منها، فإذا كانت داعش قادرة على تأمين ما بين 60 و65 ألف مقاتل للساحة اللبنانية، فالمواجهة ستكون بينها وبين 120 الف عنصر مقاتل".
أما العنصر الثالث الذي قد يحبط المشروع الداعشي، فـ"تماسك الجيش اللبناني ووحدة اللبنانيين وراءه في الاحداث الأخيرة، والمؤشّرات التي توحي باستمرار هذا التضامن الشعبي مع المؤسسة العسكرية".
وتشدّد المصادر على وجوب التمييز ما بين مبدأ "الدفاع عن النفس" الذي تتحضّر له المجموعات الشعبية والتي ستسعى اذا اقتضى الامر لدعم الجيش بمواجهة الارهابيين في الدفاع عن مناطقهم، وما بين مبدأ "الأمن الذاتي" الذي قد يؤسس لقيام نوع من الفيدرالية تتولّى أمنها مجموعات محددة، وهو ما ليس مطروحًا أبدًا في المرحلة الراهنة.
وتنتهي المصادر الى أنّ المرحلة بالغة الدقة والخطورة، ويتوجب التعاطي معها بالكثير من اليقظة والحذر، بعدما وضعت "داعش" لبنان هدفا لها وبدأت العمل على ضم أجزاء منه إلى إمارتها.